اليونيفيل تستدير نحو مشكلة البقر في كفرشوبا
جنود من الوحدة الفرنسية في جنوب لبنان (أ ف ب)
يبدو أن اليونيفيل، على الرغم من تصعيد بعض «زعمائها» لهجتهم، ولا سيما في أقبية الأمم المتحدة، قد عادت إلى ممارسة بعض أدوارها، وخصوصاً مع أهالي الجنوب، لحل مشاكل يعيشونها وغالباً ما تأتي عبر الحدودقبل صدور نتائج التحقيق الذي يجريه الجيش اللبناني واليونيفيل بشأن الانفجار الذي وقع في بلدة خربة سلم الجنوبية يوم 14 تموز الجاري، سارع قائد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة آلان لو روا إلى القول إن «هناك دلائل تشير إلى أن حزب الله كان يملك شحنة الأسلحة غير المشروعة التي انفجرت». وفي كلمة ألقاها مساء أول من أمس في جلسة مغلقة لمجلس الأمن الدولي، وبثتها أمس وكالة رويترز، قال لو روا إن بعض الأشخاص الذين حاولوا منع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان من تفتيش الموقع كانوا أعضاء في حزب الله يرتدون ملابس مدنية.
أضاف المسؤول الأممي أن بعض الدلائل «توحي بأن الشحنة كانت مملوكة لحزب الله ولم تكن متروكة، وإنما كانت محطّ رعاية نشطة على النقيض من المرات السابقة التي عثرت فيها اليونيفيل والقوات المسلحة اللبنانية على شحنات أسلحة وذخيرة». ورأى أن «مجرد وجود مستودع للأسلحة والذخيرة جنوبي نهر الليطاني يمثل انتهاكاً خطيراً للقرار 1701».
وقال لو روا إن الأسلحة التي عثر عليها في موقع الانفجار كانت من دول مختلفة، وتشمل قذائف مورتر وبنادق كلاشنيكوف وقذائف مدفعية وقذائف 122 ملليمتراً. أضاف: «ترجع الأسلحة والذخيرة إلى ما بين السبعينيات والتسعينيات، وبدت في حالة جيدة عموماً».
وقال لو روا إن المشاكل «التي تواجهها اليونيفيل لم تنتهِ يوم 15 تموز. فبعد ثلاثة أيام، حاول أفراد من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والجيش اللبناني تفتيش منزل مريب بالقرب من موقع الانفجار، لكن مجموعة من المدنيين بينهم نساء وأطفال، واجهتهم. وبدأ الحشد في رشق القوات بالحجارة. ولفت لو روا إلى أن اليونيفيل لاحظت «زيادة في مستوى التنظيم بين أولئك الذين يتصدون لها».
في الجيش اللبناني، رفضت المصادر المأذون لها التعليق على كلام لوروا، مؤكدة أن الجيش ملتزم نتيجة التحقيق الذي تجريه لجنة مشتركة مع اليونيفيل. إلا أن مصادر رسمية لبنانية واسعة الاطّلاع أكدت أن أحداً لم يمنع اليونيفيل من الوصول إلى المنزل الذي وقع فيه الانفجار يوم 14 تموز الجاري في خربة سلم. فبعد وصول قوة من الجيش إلى المكان، كانت بعض القذائف لا تزال تنفجر. وبناءً على ذلك، ضرب طوق مشدد لمنع أي كان من الاقتراب، حفاظاً على السلامة. وبعد وصول قوة من اليونيفيل إلى المكان، قصد قائد اللواء الحادي عشر في الجيش العميد الركن صادق طليس، برفقة قائد القطاع الغربي في اليونيفيل الجنرال الإيطالي كارمالو دي تشيكو، تلة مشرفة على موقع الانفجارات لمعاينته. وأكدت المصادر أن قوة الجيش التي كشفت على المكان بعد توقف الانفجارات أصرت على أن تكون معها قوة مختصة من اليونيفيل. وبوصول القوتين إلى المنزل، انفجرت قذيفة محترقة، فأصيب رتيب في الجيش بشظية في رأسه استدعت نقله إلى المستشفى. بعد ذلك، أنشئت لجنة مشتركة بين الجيش واليونيفيل، يرأسها من الطرف الأول أحد ضباط أركان الجيش للعمليات. وأعدّ كل طرف تقريره على حدة، قبل عقد اجتماعات كان آخرها الذي عقد أمس. ويوم 18 تموز الجاري، كانت اليونيفيل قد أبلغت الجيش أنها تشتبه في نقل أسلحة من المنزل الذي وقع فيه الانفجار إلى منزل قيد الإنشاء في خربة سلم. وزوّدت اليونيفيل الجيش بصور للمنزل المشتبه فيه. وتم الاتفاق على الدخول لتفتيشه في اليوم المذكور، عند العاشرة والنصف صباحاً. وقد ضرب الجيش طوقاً حول المنزل في الوقت المحدد، لكن القوة الفرنسية لم تصل إلا عند الساعة الثالثة من بعد الظهر. وفوجئت قوة الجيش الموجودة في المكان بأن قائد الكتيبة الفرنسية الكولونيل مانجولاراي توجه بالقوة التي يرأسها إلى منزل مأهول يبعد نحو 150 متراً عن المنزل المتفق عليه. وطلب قائد الكتيبة الفرنسية، من دون تنسيق مع الجيش اللبناني، استقدام وحدة التدخل الفرنسية، وهي القطعة الأقوى في اليونيفيل، والتي تضم دبابات. وأدى دخولها بلدة خربة سلم إلى توتر الأهالي. مباشرة، توجّه أحد الجنود الفرنسيين إلى المنزل المأهول، علماً بأن الأصول المتبعة، والمتفق عليها بين الجيش واليونيفيل، تقتضي مراجعة القضاء اللبناني قبل الدخول إلى الأملاك الخاصة. وبعد نزول الجندي الفرنسي الدرجَ المؤدي إلى المنزل المذكور، اعترض أصحابه وبدأت المواجهة بين اليونيفيل والأهالي. وأكّد مسؤول مطلع أن الاجتماع الذي عقدته لجنة التحقيق المشتركة أمس بيّن وجود تقصير من اليونيفيل أدى إلى حصول المواجهة من الأهالي. وقد اتفق الجانبان أمس على بدء تنفيذ إجراءات من شأنها إعادة تعزيز الثقة بين اليونيفيل والجنوبيين.
ولفتت المصادر إلى أن التحقيق رجّح أن يكون انفجار مخزن السلاح ناجماً عن حريق، من دون وجود أي دلائل على أن المخزن لم يكن موجوداً في المنطقة منذ ما قبل تموز 2006.
وفي السياق ذاته، رأى النائب في كتلة الوفاء للمقاومة حسن فضل الله أن «ما حصل في الجنوب كان إشكالات بين مواطنين وقوات اليونيفيل، ولم يكن هناك دور لحزب الله بهذه الإشكالات التي تتم معالجتها على قاعدة عودة اليونيفيل إلى الالتزام بمندرجات القرار 1701 ودور حزب الله في هذا المجال كان مساعداً».
وفي إطار توجّه القوات الدولية إلى إعادة تعزيز الثقة بينها وبين الجنوبيين، بدأت هذه القوات بعقد اجتماعات مع رؤساء بلديات القرى والبلدات التي شهدت توتراً خلال الأسابيع الماضية، كان أولها أمس في مبنى بلدية كفرشوبا. وخصص الاجتماع لبحث عرض اقترحته قيادة القطاع الشرقي في اليونيفيل، يقضي ببناء سور حديدي حول بركة بعثائيل بالقرب من الموقع الهندي مع ثلاثة مداخل يجري استعمالها فقط من قبل الرعاة اللبنانيين في عملية دخول وخروج مواشيهم، والحد من دخول الأبقار الإسرائيلية.
بدورها، نفت الناطقة الرسمية باسم اليونيفيل ياسمينا بوزيان حصول أي أعمال حالياً في منطقة كفرشوبا (بركة بعثائيل) وقالت: «كانت لدينا مشكلة عبور الماشية في تلك المنطقة حيث كانت اليونيفيل تتشاور مع البلدية للتوصل إلى حل ملائم لتلك المشكلة، وإن الفرق التقنية لليونيفيل موجودة في المنطقة للمراقبة الميدانية».
واستمر الوضع في الجنوب في صدارة الاهتمام السياسي أمس، إذ أصدر المكتب الإعلامي لرئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع بياناً نقل عنه تأكيده وجوب التمسك بالقرار 1701. ورأى أن «الأنسب للبنان هو جنوب مع قوات دولية وأن «من يحركش» بهذه القوات يتصرف ضد مصلحة الجنوب ولبنان ككل»، مشيراً إلى أن «أي خطة دفاعية للبنان قوامها الأول هو إجماع اللبنانيين».
بدوره، رأى عضو كتلة المستقبل النيابية عمار حوري أن «إسرائيل تريد تغيير قواعد اللعبة (في الجنوب)، وعلينا ألا نعطيها ذريعة للذهاب بهذا المنحى. ربما هناك سوء تصرف من «اليونيفيل»، وقد تمت معالجته من دون الوصول إلى حد تشكيل خطر على القرار الدولي».
(الأخبار)
جوهرة العقول